الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.[سورة النساء: آية 126]: {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)}{وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} متصل بذكر العمال الصالحين والصالحين. معناه: أن له ملك أهل السموات والأرض، فطاعته واجبة عليهم {وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا} فكان عالما بأعمالهم فمجازيهم على خيرها وشرها، فعليهم أن يختاروا لأنفسهم ما هو أصلح لها..[سورة النساء: آية 127]: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا (127)}قوله: «والحوادث جمة» أي كثيرة، جملة اعتراضية. وأغدون: مؤكد بالنون الخفيفة. «وأمرى مجمع» أي منوي مجزوم بامتثاله. أو المعنى: وشملى مجتمع بعد تفرقه، وهي جملة حالية مغنية عن خبر أغدون أو خبرها، وزيدت الواو لتوكيد الربط. وأجمع يتعلق بالمعقول، وجمع يتعلق بالمحسوس.{ما يُتْلى} في محل الرفع. أي اللَّه يفتيكم والمتلوّ {فِي الْكِتابِ} في معنى اليتامى، يعنى قوله: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى} وهو من قولك: أعجبنى زيد وكرمه. ويجوز أن يكون.{ما يُتْلى عَلَيْكُمْ} مبتدأ و{فِي الْكِتابِ} خبره على أنها جملة معترضة، والمراد بالكتاب اللوح المحفوظ تعظيما للمتلو عليهم، وأن العدل والنصفة في حقوق اليتامى من عظائم الأمور المرفوعة الدرجات عند اللَّه التي تجب مراعاتها والمحافظة عليها، والمخل بها ظالم متهاون بما عظمه اللَّه. ونحوه في تعظيم القرآن: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} ويجوز أن يكون مجرورًا على القسم، كأنه قيل:قل اللَّه يفتيكم فيهنّ، وأقسم بما يتلى عليكم في الكتاب. والقسم أيضا لمعنى التعظيم، وليس بسديد أن يعطف على المجرور في: {فِيهِنَّ}، لاختلاله من حيث اللفظ والمعنى، فإن قلت بم تعلق قوله فِي يَتامَى النِّساءِ؟ قلت: في الوجه الأوّل هو صلة {يُتْلى} أي يتلى عليكم في معناهن. ويجوز أن يكون {فِي يَتامَى النِّساءِ} بدلا من {فِيهِنَّ} وأما في الوجهين الآخرين فبدل لا غير. فإن قلت:الإضافة في: {يَتامَى النِّساءِ} ما هي؟ قلت: إضافة بمعنى من كقولك: عندي سحق عمامة.وقرئ: {في ييامى النساء}، بياءين على قلب همزة أيامى ياء {لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ} وقرئ: {ما كتب اللَّه لهنّ}، أي ما فرض لهن من الميراث. وكان الرجل منهم يضم اليتيمة إلى نفسه وما لها. فإن كانت جميلة تزوجها وأكل المال، وإن كانت دميمة عضلها عن التزوج حتى تموت فيرثها {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} يحتمل في أن تنكحوهن لجمالهن، وعن أن تنكحوهن لدمامتهن. وروى أن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه كان إذا جاءه ولى اليتيمة نظر، فإن كانت جميلة غنية قال: زوّجها غيرك والتمس لها من هو خير منك. وإن كانت دميمة ولا مال لها قال:تزوجها فأنت أحق بها {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} مجرور معطوف على يتامى النساء، وكانوا في الجاهلية إنما يورثون الرجال القوام بالأمور دون الأطفال والنساء. ويجوز أن يكون خطابا للأوصياء كقوله: {وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ} {وَأَنْ تَقُومُوا} مجرور كالمستضعفين بمعنى: يفتيكم في يتامى النساء، وفي المستضعفين. وفي أن تقوموا. ويجوز أن يكون منصوبا بمعنى: ويأمركم أن تقوموا، وهو خطاب للأئمة في أن ينظروا لهم ويستوفوا لهم حقوقهم، ولا يخلوا أحدًا يهتضمهم..[سورة النساء: آية 128]: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزًا أَوْ إِعْراضًا فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)}{خافَتْ مِنْ بَعْلِها} توقعت منه ذلك لما لاح لها من مخايله وأماراته. والنشوز: أن يتجافى عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته والمودة والرحمة التي بين الرجل والمرأة، وأن يؤذيها بسب أو ضرب والإعراض: أن يعرض عنها بأن يقل محادثتها ومؤانستها، وذلك لبعض الأسباب من طعن في سنّ، أو دمامة، أو شيء في خَلق أو خُلق، أو ملال، أو طموح عين إلى أخرى، أو غير ذلك فلا بأس بهما في أن يصلحا بينهما. وقرئ: {يصالحا}. ويصلحا، بمعنى: يتصالحا، ويصطلحا. ونحو أصلح: أصبر في اصطبر {يُصْلِحا} في معنى مصدر كل واحد من الأفعال الثلاثة.ومعنى الصلح: أن يتصالحا على أن تطيب له نفسا عن القسمة أو عن بعضها، كما فعلت سودة بنت زمعة حين كرهت أن يفارقها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وعرفت مكان عائشة من قلبه، فوهبت لها يومها. وكما روى أن امرأة أراد زوجها أن يطلقها لرغبته عنها وكان لها منه ولد، فقالت: لا تطلقني ودعني أقوم على ولدى وتقسم لي في كل شهرين، فقال: إن كان هذا يصلح فهو أحب إلىّ، فأقرّها. أو تهب له بعض المهر، أو كله، أو النفقة فإن لم تفعل فليس له إلا أن يمسكها بإحسان أو يسرحها {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} من الفرقة أو من النشوز والإعراض وسوء العشرة. أو هو خير من الخصومة في كل شيء. أو الصلح خير من الخيور، كما أن الخصومة شر من الشرور وهذه الجملة اعتراض، وكذلك قوله: {وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} ومعنى إحضار الأنفس الشح أن الشح جعل حاضرا لها لا يغيب عنها أبدًا ولا تنفك عنه، يعنى أنها مطبوعة عليه والغرض أن المرأة لا تكاد تسمح بقسمتها وبغير قسمتها، والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسكها إذا رغب عنها وأحب غيرها {وَإِنْ تُحْسِنُوا} بالإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن، وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة {وَتَتَّقُوا} النشوز والإعراض وما يؤدى إلى الأذى والخصومة {فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ} من الإحسان والتقوى خَبِيرًا وهو يثيبكم عليه. وكان عمران بن حطان الخارجي من أدمّ بنى آدم، وامرأته من أجملهم، فأجالت في وجهه نظرها يوما ثم تابعت الحمد للَّه، فقال: مالك؟ قالت: حمدت اللَّه على أنى وإياك من أهل الجنة، قال: كيف؟ قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت، ورزقت مثلك فصبرت، وقد وعد اللَّه الجنة عباده الشاكرين والصابرين..[سورة النساء: آية 129]: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129)}{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا} ومحال أن تستطيعوا العدل بَيْنَ النِّساءِ والتسوية حتى لا يقع ميل البتة ولا زيادة ولا نقصان فيما يجب لهن، فرفع لذلك عنكم تمام العدل وغايته، وما كلفتم منه إلا ما تستطيعون بشرط أن تبذلوا فيه وسعكم وطاقتكم لأنّ تكليف ما لا يستطاع داخل في حدّ الظلم {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} وقيل: معناه أن تعدلوا في المحبة. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول «هذه قسمتى فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك» يعنى المحبة لأن عائشة رضى اللَّه عنها كانت أحب إليه. وقيل: إن العدل بينهن أمر صعب بالغ من الصعوبة حدًا يوهم أنه غير مستطاع، لأنه يجب أن يسوى بينهن في القسمة والنفقة والتعهد والنظر والإقبال والممالحة والمفاكهة والمؤانسة وغيرها مما لا يكاد الحصر يأتى من ورائه، فهو كالخارج من حدّ الاستطاعة. هذا إذا كن محبوبات كلهن فكيف إذا مال القلب مع بعضهن {فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ} فلا تجوروا على المرغوب عنها كل الجور فتمنعوها قسمتها من غير رضى منها، يعنى: أن اجتناب كل الميل مما هو في حد اليسر والسعة فلا تفرطوا فيه إن وقع منكم التفريط في العدل كله. وفيه ضرب من التوبيخ {فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ} وهي التي ليست بذات بعل ولا مطلقة قال:وفي قراءة أبىّ: فتذروها كالمسجونة. وفي الحديث: «من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ماثل» وروى أنّ عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه بعث إلى أزواج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بمال، فقالت عائشة رضى اللَّه عنها: أإلى كل أزواج رسول اللَّه بعث عمر مثل هذا؟ قالوا: لا، بعث إلى القرشيات بمثل هذا وإلى غيرهنّ بغيره، فقالت: ارفع رأسك فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يعدل بيننا في القسمة بماله ونفسه. فرجع الرسول فأخبره، فأتم لهن جميعًا وكان لمعاذ امرأتان، فإذا كان عند إحداهما لم يتوضأ في بيت الأخرى، فماتتا في الطاعون فدفنهما في قبر واحد {وَإِنْ تُصْلِحُوا} ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة {وَتَتَّقُوا} فيما يستقبل، غفر اللَّه لكم. .[سورة النساء: آية 130]: {وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعًا حَكِيمًا (130)}وقرئ: {وإن يتفارقا}، بمعنى وإن يفارق كل واحد منهما صاحبه {يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا} يرزقه زوجا خيرًا من زوجه وعيشًا أهنأ من عيشه. والسعة الغنى. والمقدرة: والواسع: الغنى المقتدر..[سورة النساء: الآيات 131- 133]: {وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيرًا (133)}{مِنْ قَبْلِكُمْ} متعلق بوصينا، أو بأوتوا {وَإِيَّاكُمْ} عطف على {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ} اسم للجنس يتناول الكتب السماوية {أَنِ اتَّقُوا} بأن اتقوا. وتكون أن المفسرة، لأنّ التوصية في معنى القول: وقوله: {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ} عطف على اتقوا: لأنّ المعنى: أمرناهم وأمرناكم بالتقوى، وقلنا لهم ولكم: إن تكفروا فإنّ للَّه. والمعنى: إن للَّه الخلق كله وهو خالقهم ومالكهم والمنعم عليهم بأصناف النعم كلها، فحقه أن يكون مطاعا في خلقه غير معصىّ. يتقون عقابه ويرجون ثوابه. ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من الأمم السالفة ووصيناكم أن اتقوا اللَّه، يعنى أنها وصية قديمة ما زال يوصى اللَّه بها عباده، لستم بها مخصوصين، لأنهم بالتقوى يسعدون عنده، وبها ينالون النجاة في العاقبة، وقلنا لهم ولكم: وإن تكفروا فإنّ للَّه في سماواته وأرضه من الملائكة والثقلين من يوحده ويعبده ويتقيه {وَكانَ اللَّهُ} مع ذلك {غَنِيًّا} عن خلقه وعن عبادتهم جميعًا، مستحقا لأن يحمد لكثرة نعمه وإن لم يحمده أحد منهم وتكرير قوله: {لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} تقرير لما هو موجب تقواه ليتقوه فيطيعوه ولا يعصوه، لأن الخشية والتقوى أصل الخير كله {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ} يفنكم ويعدمكم كما أوجدكم وأنشأكم {وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} ويوجد إنسًا آخرين مكانكم أو خلقا آخرين غير الإنس {وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ} من الإعدام والإيجاد {قَدِيرًا} بليغ القدرة لا يمتنع عليه شيء أراده، وهذا غضب عليهم وتخويف وبيان لاقتداره. وقيل: هو خطاب لمن كان يعادى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من العرب. أى: إن يشأ يمتكم ويأت بأناس آخرين يوالونه. ويروى أنها لما نزلت ضرب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بيده على ظهر سلمان وقال: «إنهم قوم هذا» يريد أبناء فارس..[سورة النساء: آية 134]: {مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}{مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا} كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة {فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا} وَالْآخِرَةِ فما له يطلب أحدهما دون الآخر والذي يطلبه أخسهما، لأن من جاهد للَّه خالصًا لم تخطئه الغنيمة، وله من ثواب الآخرة ما الغنيمة إلى جنبه كلا شيء. والمعنى: فعند اللَّه ثواب الدنيا والآخرة له إن أراده حتى يتعلق الجزاء بالشرط. اهـ..قال سيد قطب في الآيات السابقة: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)} إلى قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)}هذا الدرس تكملة لما بدأت به السورة من علاج رواسب المجتمع الجاهلي، فيما يختص بالمرأة والأسرة؛ وفيما يختص بمعاملة الضعاف في المجتمع كاليتامى والأطفال. وتنقية المجتمع المسلم من هذه الرواسب؛ وإقامة البيت فيه على أساس من كرامة شطري النفس الواحدة؛ ورعاية مصالحهما معًا، وتقوية روابط الأسرة وإصلاح ما يشجر في جوها من خلاف، قبل أن يستفحل، فيؤدي إلى تقطيع هذه الروابط، وتحطيم البيوت على من فيها، وبخاصة على الذرية الضعيفة الناشئة في المحاضن.. وإقامة المجتمع كذلك على أساس من رعاية الضعاف فيه؛ كي لا يكون الأمر للأغلب؛ وتكون شريعة الغاب هي التي تتحكم!
|